سيف الله المسلول

موضوع: سيف الله المسلول 2008-05-13, 14:59

بسم الله الرحمن الرحيم:

إن أمره لعجب ...!!
هذا الفاتك بالمسلمين يوم أحد والفتك بأعداء الإسلام بقية الأيام..!!
فلنبدأ معه إذن من تلك اللحظة الباهرة التي خشع فيها قلبه لله تعالى وتلقّت روحه فيها لمسة من يمين الرحمن فتفجرت شوقا إلى دينه وإلى رسوله وإلى استشهاد عظيم في سبيل الحق ينضو عن كاهله أوزار مناصرته الباطل في أيام الخيالات ......
لقد خلا يوما إلى نفسه وأدار خواطره الرشيدة على الدين الرشيد الذي تزداد راياته كل يوم تألقا وارتفاعا والتمعت في فؤاده الذكي بشائر اليقين فقال :
((وإن الرجل لرسول فحتى متى ...؟؟ أذهب والله فأسلم ))...

ولنصغ إليه tيحدثنا عن مسيره المبارك إلى رسول الله :

...وددت لو أجد من أصاحب فلقيت عثمان بن طلحة , وذكرت له الذي أريد فأسرع الإجابة وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا ... فلما كنا بالسهل لقينا عمرو بن العاص ,فقال مرحبا بالقوم قلنا : وبك ....
قال : أين مسيركم؟ فأخبرناه وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي ليسلم.
فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان ... فلما أطلعت على الرسول , سلمت عليه بالنبوة فرد السلام بوجه طلق فأسلمت وشهدت شهادة الحق...
فقال: قد كنت أرى لك عقلا رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير ...
أما الآن فمع ((خالد)) الذي يستقبل مع الرسول والمسلمين عالما جديدا كتب الله له أن ينهض تحت راية محمد وكلمة التوحيد
مع خالد_إذن_وقد أسلم لنرى من أمره عجبا.....!!!!
أتذكرون نبأ الثلاثة الشهداء أبطال معركة مؤتة ..؟؟
لقد كانوا: زيد بن حارثة , وجعفر بن أبي طالب , وعبد الله بن رواحة ,.
لقد كانوا أبطال غزوة ((مؤتة)) بأرض الشام .. تلك الغزوة التي حشد لها الروم مائتي ألف مقاتل والتي أبلى فيها المسلمون بلاء منقطع النظير ..
وتذكرون العبارة الجليلة الآسية التي نعى فيها الرسول , قادة المعركة الثلاثة حين قال:
أخذ الراية ((زيد بن حارثة )) فقاتل حتى قتل شهيدا.
ثم أخذ الراية ((جعفر)) فقاتل بها حتى قتل شهيدا...
ثم أخذ الراية ((عبد الله بن رواحة)) فقاتل بها حتى قتل شهيدا
كان لحديث رسول الله , هذا بقية ادخرناها لمكانها على هذه الصفحات لمكانها على هذه الصفحات...
هذه البقية هي :
((ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله ففتح الله على يده)).
فمن كان هذا البطل..؟؟
لقد كان ((خالد بن الوليد)) الذي سارع إلى غزوة مؤتة جنديا عاديا تحت قيادة القواد الثلاثة :زيد وجعفر وابن رواحه
وبعد سقوط آخر القواد شهيدا سارع إلى اللواء ثابت بن أقرم فحمله بيمينه ورفعه عاليا وسط الجيش المسلم حتى لا تبعثر الفوضى في صفوفه ..
ولم يكد ((ثابت )) يحمل الراية حتى توجه بها مسرعا إلى خالد بن الوليد قائلا له :
((خذ اللواء يا أبا سليمان ))..
ولم يجد من حقه وهو حديث العهد بالأسلام أن يقود قوما فيهم المهاجرون والأنصار الذين سبقوه باتلأسلام .
هناك قال مجيبا ((ثابت بن أقرم)):
((لا.. لاآخذ اللواء أنت أحق به .. لك سن وقد شهدت بدرا))..
وأجابه ثابت ((خذه فأنت أدرى بالقتال مني ووالله ما أخذته إلا لك)).
واعتلى العبقري جواده.
ولم يكن بوسعه أي كفاية حربية تقلب هذا المصير فيصبح الغالب مغلوبا والمغلوب غالبا كان العمل الوحيد أن الخروج ببقيته سالمة أي أن ينسحب دون هلاك بقية القوة المقاتلة على أرض المعركة.
ولكن لا مستحيل على القلب الشجاع.....
ثم راح يستعمل فنه المعجز ودهائه البليغ حيث فتح في صفوف الروم ثغرة فسيحة واسعة خرج منه جيش المسلمين كله سليما معافى بعد أن نجا بعبقريته من كارثة ماحقة ما كان لها من زوال..!!
وتنكث قريش عهدها فيتحرك المسلمون لفتح مكة ويكون خالد قائد الجناح الأيمن من الجيش ..
ويدخل ((خالد)) مكة بعد أن كان قائدا من قواد جيش الوثنية والشرك.........
ثم تستجيشه الأيام الطويلة التي ضاع عمره فيها قربانا خاسرا لأصنام عاجزة كاسدة..
وانقض تحت روعة المشهد وجلاله ....
مشهد المستضعفين الذين تحمل أجسامهم آثار العذاب والهول يعودون إلى البلد الذي أخرجوا منه بغيا وعدوا .
وقد تحول همسهم الذي كان في دار الأرقم بن الأرقم إلى تكبيرات صادعة رائعة ترج مكة رجا
كيف تمت المعجزة؟؟
أي تفسير لهذا؟
_أجل..إنه وعد الله . ولا يخلف الله وعده_....!!
وبعد أن يلحق الرسول الكريم بالرفيق الأعلى تهب أعاصير الردة غادرة ماكرة مطوقة الدين الجديد بزئيرها الغادر المصم وانتفاضها المدمر فيبدأ بطل الموقف ورجل الساعة أبي سليمان سيف الله المسلول بالرد على هذا..!!
ومضى خالد إلى سبيله ينتقل بجيشه من معركة إلى معركة ومن نصر إلى نصر حتى كانت المعركة الفاصلة...
وجاء أمر الخليفة إلى قائده المظفر أن سر إلى بني حنيفة .....وسار خالد....
والتقى الجيشان ....
وسقط شهداء المسلمين تباعا كزهور حديقة طوحت بها عاصفة عنيدة..!!
ثم اعتلى جواده ونظر نظرة سريعة ذكية وعميقة .. ثم أدرك نقطة الضعف
ثم مضى سيف الله المسلول بإعدادة تنظيم جيشه و تحول اتجاه المعركة في دقائق معدودة وراح جنود مسيلمة الكذاب يتساقطونبالعشرات والمئات والآلاف
وهكذا سارت أخطر معارك الرد وأعنف حروبها وقتل ((مسيلمة))وملأت جثث رجاله وجيشه أرض القتال .
الفرس في العراق والروم في الشام .
أرسل الخليفة العظيم إلى خالد أن يمضي إلى العراق ويمضي البطل إلى العراق
ثم استهل عملبه بكتبه رسالة إلى جميع ولاة كسرى ونوابه :
بسم الله الرحمن الرحيم
من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس ..
سلام على من اتبع الهدى
أما بعد فالحمد لله الذي فض خدمكم وسلب ملككم ووهن كيدكم
من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم له ما لنا وعليه ماعلينا
إذا جاءكم كتابي فابعثوا ألي بالرهن واعتقدوا مني الذمة
((وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة))
وجاءت طلائعها التي بثها في كل مكان وراح يقذف بجنوده على الباطل ليدمغه
في الأبلة إلى السدير فالنجف إلى الحيرة فالأنبار فالكاظمية.
مواكب نصر تتبعها مواكب.
ثم أمر الخليفة أن ذهب إلى بلاد الروم في الشام بعد أن أرسل جيوشا كثيرة ليصبح أميرا عليها ودارت المعارك كما خطط لها خالد خطوة بخطوة وحركة بحركة ولم يخطأ في التقدير والحساب تلك المعركة معركة اليرموك كان جيشه يندفع كالقذيفة المصبوبة وبدا لهم من المسلمين مالم يكونوا محتسبين...
فهذا أبو عبيدة وهذا عكرمة بن أبي جهل يصيح من يبايع على الموت فيبايعه كوكبة من المسلمين وينطلقون باحثين عن الشهادة لاعن النصر
لقد كانت معركة اليرموك مجالا لفدائية عظيمة يعز نظيرها.
وتحدث قائد رومي إلى خالد فقال : هل أنزل نبكم سيفا من السماء وأعطاك إياه فما خضت حربا إلا انتصرت
قال: لا
الرجل: فبم سميت سيف الله المسلول
بعث إلينا رسول فمنا من آمن به منهم من كذبه فبايعته وأسلمت فقال لي أنت سيف الله المسلول هكذا سميت
الرجل: وإلام تدعون
خالد:إلى توحيد الله والإسلام
ودار حوار طويل ثم أسلم الرجل واستشهد بنفس المعركة
ثم توفي أبي بكر وجاءه كتاب من المدينة فأمر بعد إفشاء هذا الخبر
ثم توفي الفاروق عمر بن الخطاب .
أما علينا أن نتسائل أما آن للرجل أن يستريح أما آن له أن ينام قليلا هو الذي كان يصفه أعدائه وأصدقائه بأنه لاينام ولا يترك أحدا ينام
كانت مأساة حياة هذا الرجل أن يموت على فراشه وهو الذي قضى كل حياته فوق ظهر جواده وتحت بريق سيفه
هناك قال ودموعه تنثال من عينه :
لقد شهدت كذا وكذا زحفا وما في جسدي موضع إلا وفيه ضربة سيف أوطعنة رمح أو رمية سهم...
((ثم هاأنا ذا أموت على فراشي كما يوت البعير فلا نامت أعين الجبناء ))
هكذا قال وهو على فراش موته ولكن لو قتله أحد واستشهد سيقول كسرت سيف الله المسلول لكنني أرى أنه لم يكسر
وأخيرا خرج جثمان البطل فرمقته أم البطل فقالت تودعه:

أنت خير من ألف ألف من القوم إذا ماكبت وجوه الرجال
أشجاع...؟ فأنت أشجع من ليث غضنفر يذود عن أشبال
أجواد..؟فأنت أجود من سيل غامر يسيل بين الجبال
سمعها عمر فقال ((صدقت والله أن كان لكذلك )).